Monday, February 26, 2007

الحياة لعبة "إستغماية" أم "قص ولصق"

مشهد من فيلم قص ولصق

هناك أفلام تجتهد في رصد المجتمع وتضع عين الكاميرا كرقيب يتابع المحيط الخارجي لحياة الانسان، وهناك أفلام تغوص في داخل النفس الانسانية، وتسير فى أغوارها المظلمة، وبين هذا وذاك هناك أفلام تتأرجح مثل بندول الزمن في المنطقة الفاصلة بين الداخل والخارج، وإلى هذه النوعية ينتمي فيلمى ""استغماية" و "قص ولصق" الأول لعماد البهات أخر تلاميذ يوسف شاهين والثانى لهالة خليل تلميذة محمد خان وداود عبد السيد و غيرهم من نجوم الاخراج فى سينما الزمن الجميل..
كلاهما حالة سينمائية" شديدة الخصوصية ليس فقط لأنهما (عماد وهالة) يتحملان مسئولية التأليف الى جانب الإخراج، ولكن لأنهما استخدما طريقة سرد مختلفة عن المطروح والمتداول فى سوق السينما الأن ، ما يتيح للمتلقى أن يتفاعل بهدوء مع الشخصيات، ويعبر عما بداخله من صراعات تتشابه الى حد بعيد مع مايعانيه أبطال الفيلم، فى حالة من التماهي قد تصل بالمشاهد فى النهاية لأحد طريقين إما مزيد من اللخبطه والتأزم، وإما إلى حالة من التوازن والسلام الداخلي....
كلاهما يرى الحياة بوصفها لعبه، نشتبك معها ونمارسها بأشكال ووجوه متعدده، فبينما يتناول "إستغماية " فكرة الأقنعه التى يرتديها البعض باعتبارها حيلة أو وسيلة للاختباء من الآخرين، وأحيانا للاختباء من الذات أيضا، متطرقا لقدرة آخرين على الوصول الى حالة سلام نفسى وهدوء يبطل أنين الصراع الداخلى من كل "اللخبطه" النى نعانيها داخلنا وتنعكس على تصرفاتنا وإختياراتنا المستقبليه سواء بسبب التنشئة، أو بسبب صراع الأفكار المحيطه بنا.

مشهد من إستغماية

"قص ولصق" يؤكد أننا لايمكن أن نسير فى الحياة وفقا لخطه محكمة، مهما كانت عبقرية الخطة أو قدرة صاحبها على تنفيذها، فثمة تداخلات تدفعنا لتغيير النص وتعديل الخريطه قهرا، عمدا، سهوا ، لافرق، صحيح بعضنا قد يملك رفاهية الإختيار، و ربما النجاح فى تحقيقه والحفاظ عليه، ولكن ستظل هناك دائما مساحات تخضع لقانون الدوائر الغير مكتمله والذى بنيت عليه فكرة الفيلم، فموقف قد يصل بك لأخر يغير حياتك تماما وهكذا..
أما "إستغماية" فلم يلجأ البهات إلى حيلة الاختباء في المكان وفقط، و لكنه إختار أن يختبىء كل صديق فى شخصية الآخر، وسواء كان الإختيار صدفة أو بالإراده الحرة المتعمدة، إلا أنه كان كافيا لأن يكشف كل شخص عما يخبئه للآخر، أو يخبئه له الأخر، لتتوقف اللعبة ولكن لا يتوقف الإكتشاف، فكل منهم يبوح بما يخبئه للآخرين ولنفسه، وتسقط الأقنعة تباعا، ليكتشف الجميع الزيف الذى يعيشونه ويمارسونه بطرق وصور مختلفة سواء مع الآخرين أو مع أنفسهم، كما تكشف اللعبة عن حالة التخبط والإرتباك التى يعانيها شباب هذا العصر على وجه الخصوص، فخزائن الأسرار التى تنفتح تختلف من شخص لآخر، كما تختلف حسب درجة البوح والمكاشفة مع الذات والآخرين أيضا.
فى قص ولصق تتعامل هالة بنبل وشاعرية مع الهزائم النفسية والاجتماعية لأبطالها الذين يعانون من مشاكل أصابت حياتهم في العمق ودفعتهم إما للانزواء، أو الاغتراب، أو الاستسلام، أو التفكير في الهجرة، وتتساءل على لسان أبطالها "هل العيب فينا نحن أم فى البلد؟، بتعبير أدق هل الفشل فى التعامل مع معطيات الحياة وظروفها يكمن فى أفراده بوصفهم لا يملكون مؤهلات للنجاح، أم فى أصحاب النفوذ والسلطه الذين يضيقون الخناق على الجميع ومن ثم على الجموع الغير قادرة على التواءم الرحيل فى صمت غير باكية على أرض تطردهم منها... تلفظهم يوما بعد الأخر وتقهر كل أحلامهم ..

بين إستغماية و قص ولصق تدور الحياة وندور معها ...


Thursday, February 22, 2007

عذاب التمنى والاسئلة الحائرة


انه الرحيل إذن؟؟؟
فلا زوجة تؤنس ماتبقى من أيامك، ولا أطفال يمدون جذورك فى الارض؟؟ أنت هنا لا تقف على شىء ثابت...و..
إنتبه على صفارة القطار إيذانا بالرحيل، فيما كانت الاسئلة لا زالت تتداعى بداخله ترفض السكون أوالإستلام ، ترفض الكبت والقهر... مصيرها المحتوم كلما طفت على سطح ذاكرته.. قام ببطء يتحسس طريقه، و..." عفوا ياجدى" .. إنتبه على صوت من يدفعه ليصعد مسرعا للقطار ، و... كإنه إكتشف فجأة ذلك الشيب الذى خط شعره و أثار الزمن التى تركت علاماتها بوضوح على قسماته ومجمل تفاصيله،،،، الأن فقط كان عليه الاعتراف بغباءه "المتميز" بل وبإستمتاعه فى ممارسته، كم تجاهل ألا يكون مغرورا.. مفتونا بقدراته، مسجونا فى ذاته، حتى مشاعره كان يتفنن فى ذبحها ، أما مبادئه فلقد أدمن المتاجره بها.. و...
و. عليه ان يواجه مصيره الان..
هل الخلاص فى الرحيل؟ أم فى البقاء؟ يلح عليه السؤال حارقا فمن أين يأتى بالجواب... من الارض الغريبه (من يبدد وحشتها) أم من هنا ؟؟؟
قد يكون الموت فى الرحيل وليس الخلاص،.. فلماذا الرحيل إذن؟ ممن .. ولأين.. فما تبقى من سنوات لا يحتمل صداما أخر مع المجهول.. و اللامنتظر..
مرة أخرى انتبه على صوت القطار بينما الاسئلة تبحث عن إجابات

آه يازمان الحزن
والتعاتير
على بابك المقفول
بكيت مستجير
فين الصبا؟؟
فين الأمان والسماح
وفينه راح
حلمى البسيط..

الاشعار للمبدع سيد حجاب من ديوان نص الطريق


Friday, February 09, 2007

رحلتى من الشك لليقين







1- وبقينا إزاى كده
"وابقى أنا فى صقيع انفرادى .. "
كثيرا ما كانت تلح على تلك العبارة منذ قرأتها للمرة الأولى فى إحدى دواوين نزار قبانى، إستوقفنى التوصيف، قسوة المعنى وعمقه ، فظل محفورا فى وجدانى قبل ذاكرتى ، غير أننى لم أدرك حينها أنه يوما ما سأدخل تلك الدائرة..
المؤكد أن برودة الطقس و مأساوية الأوضاع من حولى بريئة (ليس تماما)من حصارى داخل تلك المساحة والتى دخلتها قهرا..
المؤكد الأخر أن قرار الخروج منها كان يحتاج منى لشجاعة كبيرة لطالما تشككت فى توافرها لدى لولا "اليقين"، وهو ما يصل بنا لمؤكد أخرفى تلك الرحلة، يتعلق بعبثية الأحوال من حولنا وفى مقدمتها "الطب"
فما مررت به فى تلك الرحلة دفعنى لأن ألقى بكل الفحوصات والتحليلات والأشعات وكل ما ينتهى بحرفى الألف والتاء الى سلة المهملات، ولأكتفى بهذا القدر من تلك المسرحية الهزليه، بعدما تضاربت الأراء وتعددت التشخيصات ، وتحول المرض العارض لمأساة كتب على معايشتها يوميا ولبضعة أشهر دونما جدوى أو تقدم ....، بإختصار تيقنت تماما أن خروجى على قدمى من تلك الرحلة التى زرت فيها الكثير من الأطباء والمستشفيات ومراكز الفحوصات ، إنتصارا كبيرا بغض النظر عن مسألة الشفاء، وعلى المتضرر اللجوء فقط الى الله...
2-وفى عز الاحتياج لحضن يضمنا
وفى عز الاشتياق لحضن يضمنا
فى نهار لا يشبه أى نهار كان علي قبول فكرة رحيله، تلك التى رفض وعى إدراكها طويلا، لم يعد يجدى الأن تجاهل الامر أو فتح خزائن الحجج والمبررات كى أملأ بها الفواصل والفوارغ ليستقيم النص،،، رحل وقضى الامر، وأنا الأن أقف للمرة الأولى على قبره رغم مرور سنوات طويلة لم أستطع عمدا زيارته، تماما مثلما أحرص على تجاهل النظر لصورته رغم عبقرية مكانها فى مدخل بيته، كم أحتاجك الأن... أحتاجك دائما وكثيرا وليس فقط كلما ضغطت على الحياة بقسوة وعنف... ولكن ماقيمة الأحرف و الكلمات؟؟ فالموت لاقلب له.. لا عقل.. لا إحساس، الموت فقط لايكذب ، هو الحقيقة الوحيدة التى لا تعرف الشك، الإزدواجية ، الخيانة .. حتى أنا لم أعد أرى العالم والأشياء بدهشة الصغار كما كنت هل تصدق...؟؟
إشتقت لحواراتنا ومشحناتنا أيضا ، لقهوة الصباح و.. كبر الصغير، باتت ملامحه أقرب اليك ، بعكس شقيقته التى إقتنصت تقاسيم وجه أمها، حتى صمتها و نظرات الخجل تلك التى ذبت فيها عشقا.. هل تذكر؟إبنك لازال يعشق الكرة والتمرد، ولكنه دائما ما يفاجئنا بتفوقه... اليوم فقط حدثنى عنك،،،، لم يفاجئنى سؤاله الحائر، والذى كثيرا ما قرأته فى عينية..." هل أنتى صديقة أمى أم أبى؟؟؟ أجبته ضاحكة "صديقتك... هل تقبلنى؟؟
3 - ياعينى عليكى ياطيبة
لا مجال لمطاردة السراب، يقين أخر أدركته ولكن مؤخرا، المؤكد أننى تعلمت فن الصمت، نجحت مؤخرا فى ضبط ايقاع وجهى خشية ان تتلعثم قسماته فتبوح عيونى بما يكمن داخلى، فما قيمة الحوار او الكلمات، فالقمر ضل حدوده الإقليميه، ومن ثم لايجدى البحث عن ظله بين حطام السنين، أو تلك الوجوه المطموره داخل صندوق، والتاريخ لن يستعيد ذاته ولن تمتلىء البحار مجددا ، لا فائدة من إكتشاف الشمس ، عبق الزهور... أو تأمل ما آل إليه الكون فما هو "كائن" قد "كان" ، و"كان" يذهب دوما مع الريح، قد يقبع داخل الذكريات، وقد يعيش مطرودا .. منبوذا ، وربما حائرا بين المفقود والموجود.... المؤكد الأهم أن البحث لم يعد يجدى انتهى وكفى..
و
مفيش مركب حتقدر بالعمر ترجعك

باقي تفاصيل الرحله..هنا