Friday, May 25, 2007

إمرأة يغار منها النهار




يقول انى امرأة يغار منها النهار
وأننى لؤلؤة تعدو إليها البحار

و...

معه تنسحق كل الأشياء.. يذوب الزمان والمكان أستسلم وبإستمتاع لحالة "الانخطاف" تلك .. "إدمان" أدخله بوعى ويقين ورغبه فى عدم الاقلاع عنه

خطفتنى إعترافاتها ، هزتنى جرأتها وصراحتها وقدرتها على التعبير عن مشاعرها بلا خجل .. حكت لى كيف يشعلها كصخب البحر، كيف أزال الفواصل والفوارغ وكل ما علق بروحها من آلام، كيف أسكنها المألوف من الحكايا الساحرة ، كيف أعادها للحياة التى طردتها طويلالالالالا من حساباتها ، كيف ساعدها كى تنسى واقع زيف كثيرا من إرادتها.. و ..أهداها الحلم ..

و .. تركتنى مذهولة مجبره وبكامل ارادتى على إلغاء أسئلة العقل،
فيما كانت تواصل الغناء

"يحار دائما فى وصفى"

و"الحب امضاءى وطيفى"

إستمع لها وهى تحكى هنا



Sunday, May 06, 2007

رقصة الحياة

الحياة أتوبيس قديم، من السهل أن يتعطل ويتحول إلى وكر لصوص أو ذكرى مغلفة بالأتربة ومكدسة بالنفايات القديمة، ومن السهل إصلاحه ليمشي على "قد الحال"، أو تطويره ليلائم متغيرات الزمن..
هذه النظرة الرمزية طرحها فيلم "رقصة الحياة" أو "البوسطة"، وهو أول فيلم لبنانى (قلبا وقالبا) يعرض تجاريا على شاشات العرض المصرية، بعيدا عن المهرجانات و الإحتفالات الثقافيه، مخترقا حصار الأفلام الأمريكية بوصفها السينما الوحيدة التى يشاهدها الجمهور المصرى إلى جانب الأفلام المحلية.
الفيلم أنتجه المخرج والمؤلف فيليب عرقتنجى عام 2005، وقد صنع شهرته من العرض التجارى بلبنان، وأيضا عبر المشاركة فى العديد من المهرجانات الدولية، لما يطرحه من رؤى مثيرة للجدل، ولما يتركه داخلنا من بهجه وما يحركه من شجون أيضا.

الرسالة العامة للفيلم تقول ببساطة أن ما تدمره الحروب قد يستعيده الفن، لكن هذا التغيير يظل مرهونا دائما بإرادة الجماهير برغم صعوبة كسر عاداتهم أوتغيير إنتماءاتهم وإحتياجاتهم التي تتوافق عادة مع السائد والمتداول من حولهم حتى لو كان سيئا.

تدور أحداث الفيلم حول فرقة شبابيه تسعى للمشاركة فى مسابقة وطنية لإختيار أفضل فرقة ترقص الدبكة، وهنا يتصادم الجديد بما يحمله من متغيرات ومستجدات، مع الماضى بكل ما تحفظه ذاكرتنا من تراث تحول بفعل الثبات الى رموز "مقدسة" لاتقبل الجدل، ومن ثم التغيير أى ما كانت المبررات أو الأسباب، وهو ما يدفع كمال مدير الفرقة العائد بعد 15 عاما من الغربة الى التجوال داخل ربوع لبنان عارضا فنه (الدبكة/التكنو) نسبة لما أدخله على موسيقاها من آلات وإيقاعات غربية)، مشتبكا و أعضاء فرقته (الذين شاركوه في الماضى سنوات الصبا والطفولة قبل أن تبعثرهم الحرب والشتات لسنوات طويلة)، مع قواعد هذا الفن (الدبكة) القابع بأمان فى ذاكرة اللبنانيين، الراسخ بثبات فى وجدانهم.
و خلال الرحلة لا يتوقف الاشتباك عند طرح إشكالية الأصالة والمعاصرة بشكل نظري أو من خلال حوارات ثقافية، بل يمتد التفاعل بشكل انساني نحو حياة أعضاء الفرقة وما يربطهم من علاقات، ويتغلغل الصراع داخليا لنتعرف على الجذور والذكريات وكأنها رحلة لإكتشاف الذات بكل مافيها من هزائم و إنكسارات لازالت عالقة بالأرواح لتعيق فكرة التجاوز.هذه الروح المنكسرة في العمق هي التي تمنع الانطلاق بقوة نحو الحلم والأمل نحوغد أجمل، وهو ما بدا واضحا فى علاقة كمال بأبيه مدير المدرسة ومؤسس الفرقة الذى راح ضحية الغدر أثناء الحرب الأهليه، وهي الحرب التى تعمد المخرج أن يحتفظ بها على هامش أحداث الفيلم لتلقى بظلالها على شخوصه، من دون أن نراها بشكل وثاقي مباشر، ولكن من خلال الشخصيات التي تحكى عن مدى تأثيرها عليهم، ويلمح لنا الفيلم إلى نجاح "رحلة الحكي" فى تخليص الشخصيات من مشاكل الماضي الثقيلة، حيث أصبحت العلاقات بين الأصدقاء القدامى والجدد أكثر شفافيه، وأكثر قدرة على تجاوز الماضى بكل آلامه وإنكساراته، كما بدت الرغبة أكثر قوة في تحقيق الأهداف الواضحة، بل والأحلام المستحيلة أيضا.



فى البوسطه يستعيد الأصدقاء ومن حولهم حياة ظلت متجمده، ومعطلة لسنوات طويله، تماما مثل الأتوبيس العتيق الذى إستقلته الفرقة فى رحلتها، حيث يرمز للماضى وكيف يمكن له أن يتواءم مع المستقبل شريطة أن يقبل التغيير، وهو ما حرصت عليه الفرقة بتجديدها له و محاولاتها إضفاء روح الشباب عليه.
بلا شك كانت المخرجة نادين لبكى هى مفاجأة الفيلم، حيث بدت واعية تماما بأبعاد الشخصية وما تحمله داخلها من كبت وقهر، إشكاليات و إحباطات عديدة ربما أبرزها إختيارها بإرادتها الحرة إنتظار حبيبها كمال مهما طالت غربته، ودونما وعد صريح من جانبه، وكأنها كانت تتحين فرصة مشاركته الحياة والأهم حلمه بتطوير الرقص عموما والدبكة على وجه الخصوص "كرما إله" كما دأبت على القول دوما، أما رودنى حداد والذى جسد دور كمال فلقد نجح هو الآخر فى ترجمة إنفعالات الشخصية وصراعاتها الداخلية والخارجية أيضا، تحديدا ماهية رؤيته للحياة والفن.
على نفس الدرب من الإجادة صارالجميع من ليليان نمري، التي تتجاوز موهبتها حجم بدانتها وخفة ظلها، إلى ندى أبو فرحات فى دور راقصة الفرقة المسيحية التى تحب زميلها المسلم عمر راجح وبالطبع يحول إختلاف الأديان دون إرتباطهما بالزواج وإن لم يمنعهما من الصلاة لله كل بطريقته.
مرة أخرى "البوسطة" هو رقصة الحياة والحب، بكل مافيها وما تعبرعنه، تتغير مع إيقاع الحياة وبإحساسنا بها، وهو ما نجح مخرج الفيلم فى رصده بدقة وبلغة سينمائية شديدة الخصوصية ومن خلال مشاهد كثيرة ربما أبرزها اللوحة الإستعراضية والتى تحدت فيها الفرقة الشابة فريق "قدامى الدبكة" بإحدى القرى ذات التقاليد الصارمة و المحافظة على مجمل عاداتها وتقاليدها وتراثها وفى مقدمتها "الدبكة"، أيضا آخر مشاهد الفيلم والتى تشع بهجة وحب الكل فيها يرقص على إيقاع الحياة لحنا لا ينكر القديم أو يسخر منه، كما لا ينحاز للجديد الى حد التغريب، الكل فيها يتجاوز الألم والانكسار لغدِ أخر أكثر إشراقا