Saturday, May 17, 2008

من يمكنه تحديد الأسباب بدقة؟


كان يمعن النظر في المرآة عقب شفاؤه من نوبة قلبية داهمته في غفله، حاول أن يرى وجهه فرأي طفلا يحاول الانتقام منه،وأسرة مفككة، عالماً ينهار، وأخر يقوم، احتكاكات وتوافقات، قصص حب وعداء، صراع يفضى إلي التكيف حينا والمصالحة أحيانا وكثيرا ما يؤدي إلى القطعية
لماذا تعاملت مع الحياة كمونتير شديد القسوة ؟ لاتوجد لقطات عزيزة حتى لو فرضت نفسها على دراما الحياة؟.. كان يتساءل دونما الوصول لجواب قاطع.."هل تحولت لجزار أقطع بلا قلب.. أنتزع من الذاكرة بلا رحمة ...؟؟؟ و.. "لكل منا قانونه النفسى ووسائله فى التواءم مع مفردات الحياة.." هكذا حسم جدله الداخلي و ألقي بالمرآه جانبا..أهملها عمدا كمن يزيح آثار بركان تفجر في وجهه ولم يكن مهيأ للتعامل معه

أنتبه على صوت الباب حينما دفعته بحده لم أتعمدها، غير أن ما أحدثه الباب من صرير عالي زاد من ارتباكي وتوتري ، ولم تفلح ابتسامته التي جاهد في رسمها بصعوبة لإحتواء الموقف، فيما يبدو لم يتوقع زيارتي ، فلم تكن علاقتنا ودوده لهذا الحد
كان الحر شديدا.. تزيد من حدته الرطوبه التى جعلته خانقا غير محتمل، أضيف له "هم الزيارة الثقيل" و مزاجى المعتل الذي تضافر مع العوامل السابقة ليجعل المشهد برمته سخيفا خانقا لا يطاق، و..لكنها"زيارة لابد منها، وواجب لا فكاك منه"، هكذا تمتمت كمن يبحث عن طوق نجاة يسهم في تمرير الموقف.
"حمد الله علي السلامة" .. كيف حالك الآن؟

المؤكد أنه قال كلمات لم أسمعها عن رحلته مع المرض، وكيف نجح في اجتيازه قبل أن تستقر حالته الصحية الآن و..، كنت أستمع لكلماته بشرود لم أفهمه، وكأنني كنت أرغب فى الانفصال عما يردده "اختيار لا قهرا"، و..بدا الأمر مستحيلا ،ضاغطا و منهكا في تجاوزه
"لا أعرف ما الذي يحول دون قبولي لحوارته أو بتعبير أدق له شخصيا" المؤكد أن جداله بلا طائل ليس المبرر الوحيد، ولا حتى عشقه لإستعراض "عضلات ثقافته" ، فمن جانبى كنت أتلذذ بإحباطه بتجاهلي محاضراته "العصماء" و"فتاويه" حتى فيما يمكن تناوله من طعام...
ربما اعترافاته الذاتية والتى أجبرت على الاستماع لها "قهرا لا اختيارا" تلك التى خلع فيها ثيابه الذاتية الضيقة وأرتدي ثياب كهنة آمون..
و ..
غادرت المستشفي عائدة للبيت، حملت في سلتي ما يكفي لإعداد طعام شهي يعوض غيابي ساعات النهار، لم أفهم لماذا كان حاضرا بالمشهد قبل أن آوى لفراشى وأسلم روحي...