Friday, November 02, 2007

المنديل المعقود


نام الليل
وهدأت حبات المطر، فيما كانت تتمتم
:
" الإنسان وريث الموتى..!!

صدمتنى العبارة لا كسؤال فلسفى ، ولكن رغبه فى تفهم قد يتحول ليقين أو ماشابه، فكلنا ولا جدال موتى بصورة أو بأخرى، حتى أجسادنا بعضها يعيش على الارض فيما الروح لاتزال تبحث عن كيان يحتويها وليس فقط تسكنه..

واصلت تقول:
لا شىء مثير كما يظن البعض، فقط نبيع واقعا لنشترى حلما ثم نكتشف أنه ليس الا وهما...

و..أسقط فى يدى، لم أستطع تجاهل الرد على أسئلتها أو الصمت عما تثيره من اشكاليات وما تطرحه من رؤى، كانت محمله بالاسئلة والهموم وكان على مشاركتها بإيجابيه ، وبعيدا عن أى مراوغات حكائية، غير أن منديلى المعقود كان فارغا لايقبض على حكمه يمكن أن تستظل بها..

تحججت بموعد عمل نسيته وانهيت اللقاء مسرعة، فلم أكن مهيأة لإثارة الجدل أو فتح ملفات عن نجوم المرحلة التى تدمن صديقتى الانطلاق عبر حكاياتهم لفضاء أرحب من النميمة السياسية، كانت تعرف كيف تلتقط حواس مستمع باحث عن التسليه فتنطلق فى الحكى عن الفرز الاجتماعى ،الثقافات المتخلفة ، الاخلاق الفاسدة، وأشياء أخرى تتلذذ بإثارتها بعدما أفرغت حياتها وتفرغت تماما للبحث عن مخرج من هذا النفق المظلم الذى نعيش فيه جميعا، كانت مؤمنة بإمكانيه التغيير وأن فضح العفن والفساد هو الوسيلة الوحيدة للمقاومه، "حيلة العاجز" كما كنت أسميها، وكانت دوما تعترض...

لم يكن لديها زوج يشاركها وحشة الايام ، أخرجته من حساباتها يوم هجرها لصديقة مشتركة، كفرت بالحب تماما وان لم تمل الدفاع عنه كقيمة انسانيه، حتى ابنها الوحيد والذى تعهدت برعايته كبستانى صبور لم يمنحها الورده عندما كبر، لهذا اتعجب كثيرا من قدرتها على الحرب والجدل وهى هاربة من الحياة ، كيف لديها القدرة على العطاء ويدها فارغة، كنت أراها تعيش على هامش الحياة والتأثير، وان لم أخف اعجابى بقدرتها على الصمود ، ومجابهة كل العواصف التى اعترضتها برحلة الحياة، حتى أنى تجرأت يوما وسألتها كيف؟ فأجابتنى بإبتسامة مغلفة بالمرارة " القبول بالواقع أكثر حكمة من التعلق بالأحلام"، ورغم هذا لم تفلت من "وهم" انتاج عالم أخر بسماته وشخوصه وقيمة واخلاقياته، عالم رسمته بعناية ودقة والاهم انها منحته ما تبقى من روحها...